Blogger news

الخميس، 3 نوفمبر 2011

® الاحتكار من منظور تاريخي ®

® الاحتكار من منظور تاريخي ®
سادت المنافسة الحرة أسواق أوربة، وبلغت قوة نموها أقصاها ما بين 1860 و 1880م، وذلك في ظل انتشار مذهب الاقتصاد الحر وتأكيد هذا الانتشار وحمايته مما جعل حجم المشروعات آنئذ ضئيلاً، إذ كان المشروع الواحد لا يعدو أن يكون جزءاً صغيراً جداً في وسط سوق ممتلئ بمثله أو أصغر منه أو أكبر بقليل، والواقع أنه لم يكن لأي مشروع وحده أن يؤثر في السوق، سواء دخله أول مرة أم استمر أم انسحب منه.
إلا أن هذا الوضع لم يدم طويلاً مع اكتشاف المستثمرين لمزايا المشروع الكبير وحصولهم على أرباح تفوق بكثير ما كان يتحصل لديهم منها حينما كان العرف السائد يقضي بالاكتفاء بحجم صغير معين من المشروعات، وهكذا كان النزوع نحو التركز الاقتصادي، وقد ساعد على ذلك أيضاً طابع العلاقات الدولية القائمة آنئذ.
ويمكن إرجاع نشأة الاحتكارات إلى تلك الحقبة (أي إنها ولدت من باطن سوق المنافسة الحرة) وذلك ما بين عامي 1860- 1870 حين تكرر قيام أزمات اقتصادية ابتداء من عام 1863 أدت إلى تغير في الفكر الاقتصادي السائد وشيئاً فشيئاً أصبح قيام التكتلات والاحتكارات أمراً مقبولاً وأصبح «الكارتل»  منذ نهاية القرن التاسع عشر واحداً من أهم أسس الحياة الاقتصادية، وذلك في أثر الأزمة الاقتصادية التي حدثت ما بين 1900- 1903، إلى أن تحول النظام الرأسمالي إلى مرحلة متقدمة جداً سميت فيما بعد رأسمالية الدولة الاحتكارية. ولقد لوحظ أنه بالرغم من صدور قوانين تحرم التكتل أو الاحتكار في كثير من دول النظام الرأسمالي مثل قانون 17 حزيران 1891 وقانون التفرقة بين الاتفاقات الاحتكارية الحسنة والسيئة 1926 في فرنسة، وقانون شيرمان Act Sherman الذي أصدره الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت في الثاني من تموز عام 1890، وقضى بمحاربة اتفاقات قيام الاحتكارات، وذلك في بداية الحرب العالمية الأولى وقانون /1914/ الصادر عن حكومة فيمان Weiman الألمانية الذي يجيز حل كل احتكار من قبل وزير الاقتصاد الذي شكل محكمة سميت «الكارتل» وعلى الرغم من كل هذه القوانين التي انصبت على محاربة الاحتكار، تغير الحال في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فقد شجع قانون صدر في الولايات المتحدة الأمريكية في أول عهد الرئيس فرانكلين روزفلت 1933 نشوء الاحتكار، ويرى بعض الباحثين أن القانون المذكور ذهب إلى حد إنشاء الاحتكار الإجباري. وفي ألمانية تكرر الأمر بعد صعود هتلر إلى سدة الحكم 1933. وفي فرنسة شجع المشرع ما بين 1938و 1939 تكوين جماعات الاستيراد وإقامة اتفاقيات بين المنتجين.
لقد اشتدت وتيرة «التركز الاقتصادي» اشتداداً ملحوظاً في القرن العشرين وأصبحت الطابع الرئيسي للنظام الاقتصادي الرأسمالي سواء كان ذلك على صعيد الوحدات الإقليمية أم على صعيد بروز نزعة التمركز الاقتصادي على مستوى الفعاليات الاقتصادية الرأسمالية العالمية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More